بدعوة من الشبكة العالمية للأديان من أجل الأطفال في لبنان
شاركت جمعية مؤسسة البيت اللبناني للبيئة بتاريخ ١٦ / ٨ / ٢٠٢٢ بورشة عمل حول قبول الآخر في بلدة مزبود (اقليم الخروب) بمشاركة رجال دين من عدة طوائف ومذاهب لبنانية.
نظمت “الشبكة العالمية للأديان من أجل الأطفال في لبنان”، بالتعاون مع “جمعية الناس للناس”، في محلة المطاريات في بلدة مزبود، ورشة عمل، تحت عنوان قبول الآخر، وشارك فيها رئيس مركز التراث للبحوث والدراسات في لبنان السيد إبراهيم سرور ال هاشم الحسيني، رئيس جمعية البيت اللبناني للبيئة الشيخ نظام بو خزام، خادم رعيتيّْ المطلة والجليلية الخوري بطرس مخول، إمام مسجد العجمي في شحيم الشيخ إياد عبد الله وهيئات تربوية وعدد من التلامذة.
فواز
بداية تحدث باسم الشبكة العالمية للأديان من أجل الأطفال في لبنان ، حسن فواز مرحبا وشاكرا الجميع الحضور والمشاركة في هذا النشاط .
وأشار الى ان المجتمعات حول العالم، تعيش مشكلات عديدة ، منها غياب مفاهيم قبول الآخر بغضِّ النظر عن لونه، دينه، معتقده وجنسه. ولفت الى انه انطلاقًـا من غياب هذه المفاهيم، تقوم الشبكة العالمية للأديان من أجل الأطفال – طوكيو ، بِوُرَشِ عمل في العديد من دول العالم بهدف تعريف الشعوب ومنها الأطفال على أهمية قبول الآخر في المجتمعات نظرًا لما في ذلك من فائدة للإنسانية والبشرية على السواء.
وشدد على اننا من خلال ورشة العمل هذه ، نعمل أولًا من أجل التعارف، ومن ثم العمل معــا على نبذِ العنف بكافة أشكاله، لا سيما اللفظي، النفسي، المعنوي والجسدي. مؤكدا ن الشبكة العالمية للأديان من أجل الأطفال، تعنى بمكافحة العنف ورفع الفقر عن الأطفال حول العالم ، ونحن في لبنان جزءٌ من هذا العالم.
وأوضح انه اخترنا رجال دين مرموقين يتِّسمون بالإعتدال والإنفتاح ، ينبضون بالثقافة الإنسانية والمعرفية والمجتمعية يجمعهم هدف واحد هو بناء الإنسان.
وقال:”لم نشأ وضعَكُم في مجموعات للمفاضلة والمقارنة، بل ارتأينا وجودكم في صومعة واحدة تحوي خير الغِـلال ومناهل العلوم ،الثقافة والقِيَم . وبهذا أنتم تشكلون مجموعة وطنية جامعة لمفاهيم قبول الآخر شكلًا ومضمونًـا، وذلك بهدف تعزيز روابط الإلفـة والمحبة والتسامح والسلام ، أنتم النموذج الراقي الذي من خلاله يرتقي به الوطن. ”
الشيخ نظام بو خزام رئيس جمعية مؤسسة البيت اللبناني للبيئة.
ثم تحدث الشيخ نظام بوخزام، فأشار الى “ان المجتمعُ اللبناني، يتميز بالسمَةِ التعدديةِ والتنوعِ بينَ مواطنيهِ في الدينِ، والمذهبِ الدينيِ داخلِ الدينِ الواحد، والنوعِ والوضعِ الاقتصادي بما فيهِ تحقيقُ التكامُلِ والاندماجِ بينَ المواطنينَ الذينَ تجمعهم تطلعاتٌ مستقبليةٌ، وأهدافٌ مشتركةٌ حيثُ يعيشونَ في وطنٍ واحدٍ، ومسيرٍ مشترك.”
ورأى “إن قبولَ الاخرِ والابتعادِ عن العُنفِ بكلِ أشكالهِ اللفظي والنفسي والمعنوي والجسدي، نضعُها تحتَ عدةِ عناوينَ، وهي ألإهتمامُ بمشاعرِ الاخرِ
وألإحترامُ المتبادل والعيشُ معاً، ونعلمُهم فنَّ ألإبتسامةِ والمدح والمحبة وإعطاء الحق، ونعلمُهم تقبُلَ الناسِ جميعاً وخصوصاً الاطفالَ مهما كانَ رأيهُم.
وشدد على ان الاهتمامُ العميقُ بمشاعرِ الاخرينَ وإحتياجاتهم وألامهم وأفراحهم، هي من أهمِ أسرارِ قبولِ ألأخرِ.
واعتبر الشيخ بوخزام إن لعدَمِ قبولِ الاخرِ مشاكلٌ حقيقيةٌ قد لا تُحمَدُ عُقباها ، فإذا تفشت بالمجتمعِ ارجعتهُ سنينَ الى الوراء، كأنها مرَضٌ سطا على جسمِنا وعالمِنا، والتاريخُ يشهَدُ بذلكَ، حيثُ الكثيرُ منَ الصراعاتِ في عالمنا والحروبِ وسيطرةِ القوي على الضعيف.
واكد اننا يجبُ ان نعترفَ بانَ تقبُلَ الاخرِ هي عَمليةٌ تربويةٌ بالدرجةِ الاولى، لانَ الانسانَ كائنٌ اجتماعيٌ بطبعِهِ، ويولدُ صفحةً بيضاءَ ولكنَ المجتمعَ سواءُ العائلةِ الصغيرةِ او المدرسةِ او الرفاقِ او المجتمعِ يُوَلّدونَ هذهِ المشاكلَ اذا لم يكُن التوجيهُ صحيحاً .
وختم ان تحقيقُ التعايُشِ وقبولُ الاخرِ يرتكِزُ على العقلِ والتفكيرِ السليمِ العقلاني البعيدِ عن الاهواءِ والانفعالاتِ، ويتسمُ بالموضوعيةِ وعدمِ التحيزِ لأيِ امرٍ كانَ .
وهذهِ الطريقةُ في التفكيرِ هي نقيضُ التعصُبِ والتصرُفِ العشوائي وإلغاءِ الاخرِ، وتعزيزِ العيشِ المشتركِ وضمنَهُ العيشُ معاً بسلام بينَ الجميع وتزولُ الافكارُ السلبيةُ .
الخوري مخول
من جهته أعرب الخوري بطرس مخول عن ارتياحه وسروره للمشاركة في ورشة العمل هذه، بهدف طرح مفاهيم مشتركة لما يعترضنا من معضلات تطبع حياتنا اليومية وتؤثر على علاقاتنا في مجتمع مختلف ومتعدد المفاهيم والولاءات .
وأضاف” من هو الآخر؟ كيف أتقبله؟ كيف نبني معا مجتمعا منفتحا، متضامنا ومتعاونا على ايجاد السبل التي تساعد على تقليص الفوارق لتقبل بعضنا البعض”، مؤكدا ان تقبل الآخر هو عملية تربوية تنشيئية، لأن الانسان كائنا اجتماعيا، يولد صفحة بيضاء وتنشئته تتطلب جهدا تدريجيا مشتركا بين العائلة والمؤسسات التربوية والاهلية،” مشيرا الى وجود العديد من الفضائل الانسانية التي تجعلنا نتقبل الآخر، ومنها: التسامح والمحبة واحترام حرية الفكر وممارسة الشعائر الدينية بحرية .”
ورأى انه من خلال التربية، يتعرف الطفل على الآخر المختلف عنه، فيحترم هذا الاختلاف ويتفاعل معه بأيجابية، معتبرا ان قبول الآخر، يؤدي الى الانفتاح عليه وعلى كل ما يتميز به عنه، والتعرف على اختلاف الآخر وقبوله، يؤديان الى التكامل الضروري في بناء المجتمع الواعي، المثقف والذي هو ضرورة حتمية لبناء الانسان “.
وختم ” الأطفال هم مستقبل الغد، وبناة المجتمع الطامحة الى التطور والرقي في سبيل الوصول الى بناء الانسان، فما نزرعه اليوم، سنحصده غدا، فلنزرع في أطفالنا الفضائل، لنحصد غدا مشرقا، أهلا للعيش المشترك، غنيا بتنوعه وحضارته يعمّه السلام .”
عبد الله
من جهته أكد الشيخ إياد عبد الله أن الواقع الصعب الذي يعيشه كل فرد في المجتمع اللبناني يحتم على الجميع أن يرصوا الصفوف ويقفوا صفا واحدا في مواجهة الفقر والمجاعة التي تهدد لبنان وشعبه، كما دعا الدولة اللبنانية إلى ايلاء المدارس والجامعات حيزا اكبر من الاهتمام، حتى لا يتحول لبنان من مصنع للعقول المبتكرة، إلى بؤرة تدمر كل الطاقات البشرية .
السيد الحسيني
بدوره قال السيد إبراهيم سرور ال هاشم الحسيني :”لا ينبغي أن نطلق شعارات المحبة والتسامح والعيش الواحد كمجرد كلمات مطاطية نستخدمها كمساحيق تجميلية وإنما نريد من هذه القضايا أن تكون راسخة في حياتنا العملية والسلوكية والاجتماعية.
وأضاف “ان الدين الإسلامي دعا إلى المعاملة الحسنى، وإلى المحبة والرحمة بين بني البشر، وقضية الرحمة أساسية تبنى عليها أكثر المبادئ والقيم في حياتنا وسلوكنا. علينا أن نستشعر الرحمة في خطابنا الديني ومعاملاتنا المختلفة فكرياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، فإذا وجدت الرحمة طريقاً إلى قلوبنا فنحن على طريق الإنسانية . ”
وأكد ان جميع الأديان تدعو إلى الأخلاق، لأن الأخلاق شيء مقدّس لا يمكن الاستغناء عنه – فلا يوجد دين من دون أخلاق، والأخلاق تدعونا إلى المحبة وقبول الآخر ونبذ الأحقاد الطائفية، وهذا ما يفترض أن تكون عليه العلاقات البشرية.
تقرير الصحافي احمد منصور